
ما هو الريبراندينغ؟
هو إعادة صياغة العلامة التّجاريّة، وهو مسمّى يدلّ على إعادة تأطير وتشكيل العلامة من جديد، بحيث يتمّ إنشاء شكل وأسلوب وصورة جديدة لمنتجك أو شعار شركتك أو اسمك.
ويتم اتّخاذ هذه الخطوة عندما تعيد شركتك التّفكير في استراتيجيّتك التّسويقيّة بهدف تطوير هُويّة جديدة ومتميّزة عنك في أذهان العملاء.
غالباً ما يكون الهدف الأساسي من تطوير العلامة التّجاريّة هو التّأثير على تصوّر العميل عنك أو عن خدماتك بشكل عام من خلال إعادة تنشيطها في ذهنهم، بحيث تجعلها تبدو حديثة أكثر وملاءمة لاحتياجات العميل.
ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ إعادة صياغة العلامة التّجاريّة معقّدة بعض الشيء وتنطوي على مخاطر محتملة، وهي ليست بهذه السهولة، لأنّها تستند على كثير من العوامل، مثل: نظرة الجمهور، وتقبّل السّوق لهذا التّغيير والنّجاح في التوسّع أو لا، وغيرها.
فمثلاً عندما قرّرت أوبر Uber في إعادة تصميم شعارها، وجدوا أنّ 44٪ من عملائها غير مدركين لِما يمثّله الشّعار.

ومثال آخر أكثر تبسيطاً:
في عام 2009م كانت تروبيكانا Tropicana تُعد من الأفضل مبيعاً على مستوى العالم لعلب عصير البرتقال، والّتي بلغت مبيعاتها 700 مليون دولار في السّنة، فكان لديهم قرار في إعادة صياغة العلامة التّجاريّة لعلبهم مع شركة بيتر أرنيل المتخصّصة في تصميم العبوة الجديدة، وكانت النّتائج:
– تغيير شكل العبوة مثل: (الشّعار – صورة البرتقالة الطّبيعيّة وكأس عصير برتقال – الخط – الغطاء – السلوقن).
– إطلاق حملة إعلانيّة مصاحبة لهذا التّغيير بقيمة 30 مليون دولار.

لكنّ غالب العملاء انتقدوا التّغيير ولم يرغبوا بالتّصميم الجديد، لذلك ألغت شركة (Pepsi) الشّركة الأم لـ Tropicana التّصميم بعد أقل من شهرين من ظهوره لأوّل مرة، والسّبب نزول في المبيعات بمعدل 20% بما يعادل 30 مليون دولار.
وهذا مثال واضح وحي على أن ليس كل التّغييرات تسبّب النّجاح كما يعتقد الكثير.
إضافةً لذلك أنّ إعادة صياغة العلامة يُصنّف ككونه أمرًا شاقّاً في كثير من الجوانب سواءً من التّكلفة الماديّة أو الجهد في التّفكير في إعادة بناء عناصر الرّؤية والقيم والرّسالة أو المحافظة على ذات الجمهور وغيرها من التّحديات الأخرى.
ومن هنا، إذا كنت تفكر في تغيير العلامة التّجاريّة بسبب مبيعاتك القليلة، أو لأنّه يبدو أنّ جهود التّوعية بعلامتك لم تؤتي ثمارها، فهنا الحل هو إعادة النّظر في حلّ هذه المشكلة عن طريق إنشاء استراتيجيّة تسويق جديدة أو إجراء أبحاث السّوق لتحديد السّبب الكامن وراء هذه المشكلة، وليس إعادة صياغتها من جديد.
ولكن إذا كنت تفكّر في تغيير العلامة التّجاريّة لأنّ رؤية شركتك ورسالتها وقيمها وسوقك لم يعد ينعكس في علامتك التّجاريّة، فهنا قد يكون تغيير العلامة التّجاريّة هو القرار الصّحيح.
دعني أشير للأسباب الرّئيسيّة الأخرى الّتي قد تجعلك تفكر في تغيير العلامة التّجاريّة:
- موقع جديد:
تمّ تصميم العلامات التّجاريّة لربط الشّركات بعملائها، لذلك إذا قمت بتغيير موقع عملك لاستهداف جمهور أكبر وفئات مختلفة سواء من خلال المُنتَج ،أو المكان ،أو السّعر ،أو التّرويج فستحتاج علامتك التّجاريّة إلى أن تحذو حذوها.
- توسّع السّوق:
قد تحتاج إلى تحديث علامتك التّجاريّة إذا كنت تتوسّع في الأسواق الدّوليّة الّتي لن تتطابق مع شعارك الحالي وقِيَمِك وما إلى ذلك.
- عمليّات الدّمج والاستحواذ:
عندما تندمج شركتان معًا فلا بدّ من اجتماع العلامتان معًا أيضًا مثلما حدث مؤخّراً في اندماج البنك الأهلي مع سامبا، أو إذا تمّ الاستحواذ على شركتك أو الالتحاق بها مع شركة أخرى، فهنا لم يعد دور المنافسة حي، لذلك اجتماع العلامتان خيار أكثر صواباً.
- الملل:
في كثير من الأحيان قد يفكّر النّاس في تغيير علامتهم التّجاريّة، لأنّهم سئموا من رؤية نفس الشّعار كلّ يوم، فعندما يبدأ هذا الشعور يراودك تذكّر أنّ عملائك يرونها أقل منك كثيرًا، وفي نفس الوقت هم قادرين على تمييزك أكثر، سواء من خلال الرّمز أو اللّون، فمثلاً: (ماكدونالز) أوّل شيء يخطر في بالك عند سماع الاسم هو اللّون الأصفر والأحمر، ويبدو اللّونين مألوفَين وجميلَين بالنّسبة لك وغير مملّين، بينما قد يراه الموظّف هنالك أنّهم مملين.
- التّأثير و الأنا:
يعتقد المدراء الجُدد أنّه لا بدّ من تغيير العلامة التّجاريّة لترك بصمة خاصّة به قبل التّركيز على التّغيير الهيكلي من الدّاخل، لذلك غالباً تجد القيادة الجديدة الّتي تصرّ على تغيير العلامة التّجاريّة تفعل ذلك لنفسها أكثر من الشّركة.
- تبحث عن الاهتمام:
ذكرنا هذا سابقاً ولكن دعنا نكرّر، عند انخفاض المبيعات أوّل ما قد يخطر في ذهنك هو تغيير علامتك التّجاريّة، وقد يكون قرار صائب، لكن لا يمكن أن يكون هذا هو الحل الجوهري، فالبعض لا يحتاج لتغيير العلامة حقيقةً، بل من الأفضل التّركيز على أشياء أُخرى وتحسينها.
إعادة الصّياغة للعلامة التّجاريّة هي إعادة تحديد رؤية شركتك ورسالتها وقيمها
من خلال طرح هذه الأسئلة على نفسك:
ماذا تفعل؟
كيف تفعل هذا؟
لماذا تفعل ذلك؟
ماذا يعني التّغيير؟
- تطوير العلامة التّجاريّة هو تغيير في التّفاصيل الصّغيرة فقط في العلامة بدون التّغيير الجذري، مثل: تحديث الجوانب الفرديّة لشعارك، أو تغيير تدرّجات الألوان بشكل طفيف، أو تغيير في الزّوايا، أو إضافة، أو حذف عناصر.
مثلما حصل مع (Zara)، ففي تحديثات العلامة التّجاريّة لزارا احتفظت بحروفها السّوداء، لكنّها شدّدت المسافة بين الحروف وتبديل خط Serif إلى خط آخر.
- إعادة تصميم العلامة التّجاريّة هو التّغيير الجذري، والّذي يتمّ من خلاله تغيير كامل لعناصر الشّعار من: فلسفة، وألوان، وغيرها.
لماذا تطوير البراند مهم؟
لأنّ النّاس تتغيّر، والتّطور مطلوب، ولكلّ زمن عين.
دعنا نذكر (بيبسي) كمثال، فعلى مرِّ الزّمن قامت بتطوير البراند بدافع التّغيير أكثر من عشر مرات منذ1898م.
ومن أول التّغييرات الّتي سعت إليها (بيبسي) هي تغيير اسمها، حيث كان يُسمى بيبسي “شراب بارد”، وتمّ استبدال الاسم لـ “بيبسي” بعد بضع سنوات فقط.
أما من ناحية الألوان فكان شعارها القديم عبارة عن نص أبيض على أحمر، وتغيّر هذا مع الوقت إلى ألوان بيبسي الّتي نعرفها اليوم، لكن اللّون الأبيض والأحمر بقيا عنصران رئيسيان في التّصميم لـ 40 سنة.

ماهي العلامات الّتي تساعدك في اتخاذ قرار التّغيير:
1) هل علامتك التّجارية لا تُقَدِّم صورة احترافيّة عنك؟
التّصاميم القديمة هي السّبب الرّئيسي وراء رغبة الشّركات في تغيير علامتها التّجاريّة، فإذا كان شكل ومضمون علامتك التّجاريّة (قديمًا)، وكان موقع الويب الخاص بك يمثّل صورة غير لافتة ومميّزة عنك، فقد يكون تغيير العلامة التّجاريّة خيار صائب لك.
2) هل علامتك التّجاريّة راسخة في أذهان عملائك؟
على مدار عشرون عامًا مضت كان لدى (Google) سبعة شعارات، فالميل إلى تغيير العلامة التّجاريّة أمر منتشر ومألوف؛ ومع ذلك فإنّ الشّعار الحديث والقديم Google ليسا مختلفين جذرياً، لذلك فإذا كانت علامتك التّجاريّة راسخة في أذهان عملائك، فمن الأفضل إجراء بحث قوي عن جمهورك قبل القرار في تغيير العلامة القديمة جذريّاً أو تغيير فيها بعض الشّيء.
مثال آخر عندما قامت (Gap) بتغيير شعارها كان ردّ فعل جمهورها سلبي لارتباطهم القوي بشعارهم القديم، لذلك اضطرّت Gap إلى استعادة شعارها القديم بعد 6 أيام فقط!

3) علامتك لا تصنع التّميّز في وسطك؟
تسعى العلامات التّجاريّة الذّكيّة إلى مواكبة التّغيّرات والتّميز في مجالها، ومع ذلك فإنّ الكثير من العلامات التّجاريّة في بعض الأحيان تتبنّى سمات بعضها البعض دون وعي وبدون تمايز أو اختلاف.
على سبيل المثال، تستخدم خدمات بث الفيديو (Netflix) و (YouTube) ذات الألوان: أحمر، أبيض، أسود.
بينما (شاهد) تميّزت بألوان مختلفة جعلتها أكثر تميّزاً عنهم.
4) بدأت استهداف فئة/جمهور جديد؟
ربما تتطلّع شركتك إلى جذب مجموعة جديدة من الأشخاص لكن علامتك التّجاريّة لا تمثّلهم، فهنا يجب أن تتّخذ قرار التّغيير لتحاول الوصول إليهم بطريقة ما.
فمثلاً تهدف (Coca-Cola) لتغيير اسمها إلى (Diet Coke) بهدف جذب انتباه جيل الألفيّة من خلال النّكهات الفريدة والعبوات الطّازجة والأنيقة والملونة.
5) بدأت علامتك التّجاريّة بالتوسّع؟
دائما ما يستفزّ النّجاح هي الرّغبة في التّوسّع، فالتوسع يعني دخول جمهور مختلف تماماً، وهذا يساوي اختلاف في ثقافة الشّعار، لذلك هنا يكون التّغيير أو التّطوير مفيد أكثر ليشمل الجميع.
فمثلاً (Dunkin) من يناير عام 2019م تبنت Dunkin ‘Donuts شعارًا جديدًا باسم “Dunkin”.
وصرّحت أنّ الاسم الجديد يشير للتركيز على القهوة وليس الكعك فقط، حيث قال توني وايزمان -كبير مسؤولي التّسويق في Dunkin ‘US- في بيان: “من خلال تبسيط وتحديث اسمنا ومع الاستمرار في تكريم تراثنا فلدينا فرصة لخلق تجربة وطاقة جديدة لـ Dunkin داخل متاجرنا وخارجها”.

وعلى الرّغم من التّغيير في الاسم، مازال (Dunkin) يستخدم نفس الألوان الورديّة والخط الأيقوني لضمان استمرار العملاء لفترة طويلة في التّعرّف على علامتهم.
ومن اللفتات المميزة بــDunkin أنّها لم تُحْدِث التّغيير فجأة، وإنّما أحدثته على مراحل، فمع نهاية عام 2017م تمّ تغيير أسامي عدد من الفروع في مدينة باسدينا في ولاية كاليفورنيا، ثمّ بدأت الشّركة بالتّوسّع في التّغيير حتّى وصلت لـ30 فرع في ولاية بوسطن إلى أن انتهى التّغيير الكلّي في يناير عام 2019م.